21 مايو 2011

أمريكا دولة لا تعرف الأخلاق.

أمريكا دولة لا تعرف الأخلاق.. والمتأمركون أيضاً!! / أ. د. سليمان صالح
الشرق / كانت الولايات المتحدة الأمريكية تملك ثروة عظيمة هي صورتها الإيجابية، وكان من أهم سمات تلك الصورة أنها بلد الحرية وحقوق الإنسان. لكن أمريكا دمرت تلك الثروة خلال العقود الثلاثة الماضية، وكل يوم يمر يوضح أن تلك الصورة كانت زائفة. والولايات المتحدة تعرف أهمية الصورة الذهنية وقيمتها وهي تنفق الكثير من الأموال على الدعاية والتضليل الإعلامي والتأثير الاستراتيجي لتحسين صورتها.. لكن الأيام تثبت أن الواقع اقوى من الدعاية في تشكيل الصورة، وأنه مهما كانت قوة الآلة الإعلامية فإنها لا تستطيع ان تجمل الوجه القبيح.. فهل يمكن أن تحول كل شركات التجميل في العالم عجوزاً شمطاء إلى فتاة جميلة. وبالرغم من أن الولايات المتحدة تسيطر على النظام الاعلامي الدولي وتستخدمه في اغراق العالم بالمواد المسلية حيث دائماً يحتل السوبرمان الأمريكي محور هذه المواد، ويتمتع بالقوة الخارقة التي تؤهله للسيطرة على العالم واستعباد البشر، إلا أن صناعة التسلية تفشل أمام الأحداث الواقعية. مبررات الكراهية عشية أحداث الحادي عشر من سبتمبر طرحت وسائل الاعلام الأمريكية بقدر من السذاجة سؤالاً هو لماذا يكرهوننا؟! وكان السؤال زائفاً ومضللاً لكن الاجابة كانت خائبة وتفاهة وعنصرية، فقد اجابت وسائل الاعلام الامريكية بأنهم يكرهوننا لأننا ديمقراطيون ومتقدمون ورائعون وأغنياء!!. بعد ست سنوات من هذه الاحداث هل آن الأوان لكي يراجع الامريكيون الخرافات التي يحملونها عن أنفسهم وعن العالم، وأن يعيدوا تقييم علاقاتهم بالبشر، فربما يكتشفون أن الناس لا يكروهونهم، ولكنهم يكرهون ظلمهم وطغيانهم وكذبهم، وعنصريتهم ورغبتهم في الاستعمار والسيطرة، وانهم بشكل محدد لا يكرهون الامريكيين ولكنهم يكرهون السياسة الامريكية العنصرية، والرأسمالية الأمريكية المتوحشة. قد يكتشف الامريكيون ان هناك بالفعل مشاعر معادية لأمريكا تنتشر في العالم كله حتى في أوروبا التي تشترك معهم في المصالح الاستعمارية. كما أنهم يمكن أن يكتشفوا أن المسلمين تحديداً لا يكرهون الأمريكيين كبشر، ولكنهم يكرهون الطغيان الأمريكي الذي استخدم كل الوسائل غير الأخلاقية لمنعهم من تحقيق التنمية والديمقراطية والاستقلال. الأمريكيون يحتاجون إلى أن يعيدوا طرح السؤال على أنفسهم، ولكن بعد أن تلاشى الغبار المنبعث من أنقاض برجي مركز التجارة العالمي، وبعد أن قتل الامريكيون الملايين من المسلمين في العراق وأفغانستان في مقابل الآلاف الستة الذين كانوا ضحايا أحداث الحادي عشر من سبتبمر، أي أن كل ضحية امريكي قتلت امريكا بثأراً لها ألفاً من المسلمين. شهودة الانتقام لكي يعرف الامريكيون لماذا يكره البشر سياستهم وادارتهم وطغيانهم عليهم أن يراجعوا الأحداث منذ 11 سبتمبر حتى الآن فسوف يكتشفون أنهم فجروا في الخصومة واستبدت بهم شهوة الانتقام، ولم يمتلكوا قدراً من الحكمة تردعهم عن ممارسة كل آثام القتل والتخريب والتدمير. إن كل يوم يوضح أن امريكا لا تعرف حقاً ولا تلتزم بخلق، ولا تحترم كل ما تعارف عليه البشر من معايير حضارية. هل يمكن أن نحسب اعداد الاطفال والنساء الذين قتلوا ضحية لشهوة الانتقام الامريكية لقد عاقبت امريكا الامة الاسلامية كلها ظلما، ووقع العقاب على رؤوس الاطفال والنساء. ومن الطبيعي أن يكره البشر جميعاً من يمارس الانتقام بهذا الشكل الأهوج الشرير، وبكل تلك الوحشية.. هل يمكن أن يحب احد في الدنيا ثوراً هائجاً انطلق ليدمر الحضارة ويبيد البشر. إبادة عنصرية لقد اندفعت امريكا تمارس الابادة العنصرية، والذبح الجماعي في اكبر جريمة عرفها التاريخ، هل كان كل ذلك انتقاماً لضحايا الحادي عشر من سبتمبر. إن تحليل الأحداث يوضح أن اليمين الامريكي المسيحي الصهيوني يحمل حقداً على المسلمين يفوق الخيال، ولم يكن هذا الحقد نتيجة لأحداث الحادي عشر من سبتمبر، ولكنه كان حقداً تاريخياً عبر عن نفسه في الكثير من الأعمال الوحشية التي مارستها امريكا ضد المسلمين. لقد كانت الصور التي تسربت من سجن أبى غريب توضح رغبة متوحشة في إذلال المسلمين وقهرهم مادياً ونفسياً، وانها كانت نتيجة حقد وكراهية عنصرية واستعلاء عرقي. هناك صور اخرى سربها الجنود الأمريكيون ليتفاخروا بها، وهى تظهر الجندى الامريكى كسوبرمان قوى يضع قدمه الثقيلة على رأس مواطن عراقى أو على صدره. هل يريد الأمريكيون بعد كل تلك الصور ان يحب العرب امريكا؟ ولماذا؟!! ان كل مظلوم على وجه الأرض يكره ظالمه، ويتمنى الانتقام منه، وكل مسجون يكره سجانه، وكل الناس يكرهون الطغاة. هل هم ديمقراطيون ؟! اجابت وسائل الاعلام الامريكية على السؤال بأكذوبة هي ان الامريكيين ديمقراطيون، ولذلك يكرههم المستبدون.. بعد ست سنوات هل يمكن أن يصدق أحد تلك الإجابة؟! الكونجرس الامريكي والرأى العام يطالب بسحب القوات الامريكية من العراق التي يعرف الجميع انها تتعرض لهزيمة تاريخية، وان الوسيلة الوحيدة للتقليل من حدة الهزيمة هي الانسحاب.. لكن بوش الديمقراطي جداً، والذي اثبت انه اكثر ديمقراطية من حكام العالم الثالث يرفض الانسحاب، ويصر على ارسال قوات اضافية، والحصول على المزيد من الاعتمادات المالية التي تثقل كاهل الاقتصاد الامريكي لكى يستمر في الحرب على العراق رغماً عن ارادة الشعب الامريكي الذي اصبح حاله يشبه حال الشعوب في الدول النامية. اما على المستوى الخارجي فبوش الديمقراطي يفرض الحصار الظالم على شعب فلسطين لانه مارس الديمقراطية على الطريقة الغربية، وكما تصورها الآباء المؤسسون للولايات المتحدة الامريكية. لقد مارس شعب فلسطين حقه في ادارة انتخابات حرة، واختار ممثليه وحكامه بارادته، فهل يمكن ان يوصف من يعاقبه على ذلك بأنه ديمقراطي؟!! اما في العراق فقد زور الاحتلال الامريكي الانتخابات، وكون حكومة ضعيفة من أزلامه يستخدمها لقهر الشعب العراقي.. وعندما ثبت له عدم قدرتها على ضرب المقاومة هدد بإسقاطها. وبوش الديمقراطى اصبح يساند ويدعم النظم الديكتاتورية بعد ان ثبت له انها الاقدر على حماية مصالح امريكا في المنطقة وتخلى عن قضايا حقوق الانسان، بعد ان انتشرت الصور التي توضح ان جيشه يمارس اسوأ اشكال التعذيب والقهر وانتهاك حقوق الانسان. هل هم متقدمون؟! كانت الاجابة الثانية اكثر كذباً من الاجابة الاولى، قد تكون امريكا بالفعل متقدمة مادياً، لكن التقدم المادي يستطيع اي شعب ان يحققه خلال فترة زمنية قصيرة، ولقد ثبت ان امريكا متخلفة حضارياً واخلاقياً، فالذى يمارس القتل والتعذيب وانتهاك حقوق الانسان بهذه الوحشية لا يمكن ان يوصف بأنه متقدم. ان امريكا تعاني حالة افلاس حضارى واخلاقى، ومشروع التنوير الغربى كله قد فشل بكل ما يحمله من فلسفات ونظم. هناك مظاهر للتقدم، ولكن الحقيقة انها مظاهر خادعة، وان الانسان اصبح اكثر بؤساً وشقاء في ظل ذلك التقدم المادي الذي لا يستهدف رفاهية الانسان. والظلم لا يمكن ان يكون مظهراً من مظاهر التقدم.. انه دليل على جلافة الطبع والحمق والجهل والوحشية والقسوة. والمتأمركون أيضاً وهناك في عالمنا العربي الكثير من المتأمركين الذين ينكشف كل يوم كذبهم مثل أسيادهم، ولقد اصبح عبيد امريكا يهيجون شهوتها للانتقام من المسلمين، فقد تطوع احدهم باتهام حماس بأنها على علاقة بالقاعدة، وهو الاتهام نفسه الذي رددته وسائل الاعلام الامريكية للعدوان على العراق، حيث اتهمت هذه الوسائل صدام حسين بأنه هو الذي ساعد القاعدة على القيام بأحداث الحادي عشر من سبتمبر. المتأمركون في العالم العربي تعلموا من سادتهم فنون الكذب والتضليل والنفاق وسوء الخلق الذي ليس له دواء. والشعوب العربية تكره المتأمركين العرب كما تكره الطغيان الامريكي والكذب والمذابح الجماعية والتعذيب، لكن العرب لا يكرهون الأمريكيين كبشر.. ولو راجع الامريكيون أنفسهم فقد يكتشفون ان اليمين المسيحي الصهيوني هو الذي جلب لهم الكراهية وعداء البشر، كما قد يكتشفون ايضا ان المتأمركين العرب قد أثاروا كراهية الناس لأمريكا!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق